الإمارات ترحب باتفاق الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على الالتزام بحماية المدنيين
رحبت دولة الإمارات بإعلان كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية عن توقيع ممثلي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في جدة على إعلان الالتزام بحماية المدنيين في السودان، بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان لتسهيل العمل الإغاثي وتلبية الاحتياجات الطارئة للمدنيين. وأثنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في بيان لها على الجهود التي قامت بها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة للتوقيع على هذا الاتفاق، الذي يقضي بوقف إطلاق النار لمدة 10 أيام لتمكين إيصال الإمدادات الإغاثية والمساعدات الإنسانية، والذي يمهد الطريق لإنهاء الأزمة بين الأطراف وتجنيب الشعب السوداني المزيد من المعاناة. وعبّرت الوزارة عن الأمل في أن تسهم هذه الخطوة في تيسير وصول المساعدات الإغاثية والإنسانية للمناطق المتضررة، خصوصاً للفئات الأكثر احتياجاً من المرضى والأطفال وكبار السن والنساء، والوقف الدائم لإطلاق النار بما يحقق تطلعات الشعب السوداني الشقيق في الأمن والاستقرار والازدهار.
على صلة، أبدى ممثل الأمم المتحدة الخاص للسودان فولكر بيرتس، تفاؤله أمس، بشأن إمكانية توصل الوسطاء إلى وقف لإطلاق النار في السودان في الأيام القليلة المقبلة، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بعد أن وقّع الطرفان في جدة ليل الخميس إعلاناً يتعهّدان فيه باحترام قواعد تتيح توفير المساعدات الإنسانية.
وقال ممثل الأمم المتحدة الخاص للسودان، إن محادثات وقف إطلاق النار في السودان ستُستأنف خلال يوم أو اثنين، وأضاف فولكر بيرتس أن تغيراً طرأ على مواقف الطرفين المتحاربين، ما قد يجعلهما أكثر استعداداً للالتزام بأي اتفاق مستقبلي.
وتوصل طرفا الصراع في السودان في وقت متأخر مساء الخميس لاتفاق أولي لحماية المدنيين، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية بعد محادثات على مدى أسبوع في مدينة جدة السعودية، لكن الاتفاق لم يشمل التزاماً بالسلام واستمر القتال أمس الجمعة.
وقال فولكر بيرتس إنه تحدث مع أحد الجانبين بعد التوصل للاتفاق وتلقى تطمينات باستعدادهما لمواصلة التفاوض.
وأضاف لمؤتمر صحافي في جنيف عبر اتصال بالفيديو من بورتسودان «نتوقع استئناف تلك المحادثات المتعلقة بوقف إطلاق النار اليوم أو غداً. لا يفترض نظرياً أن يستغرق الاتفاق على شروط وقف إطلاق النار وقتاً طويلاً».
وقال بيرتس إن اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة لم تصمد بسبب شعور كل من الطرفين بقدرته على تحقيق النصر، لكنه أضاف أنه لاحظ تغيراً في موقفيهما.
وقال «أدرك الطرفان أنه حتى لو استطاعا تحقيق النصر فإنه لن يكون نصراً سريعاً، وأن وقوع حرب طويلة وممتدة سيدمر البلاد بالكامل وحينها لن يتبقى ما يمكنهما الفوز به».
وتوصل ممثلون للجيش بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، إلى «إعلان جدة» بعد نحو شهر من القتال الذي أسفر عن مقتل أكثر من 750 شخصاً ونزوح الآلاف، في إطار محادثات أولية بمشاركة الولايات المتحدة والأمم المتحدة بدأت السبت الماضي في مدينة جدة السعودية.
وجاء في الإعلان «نؤكد التزامنا بضمان حماية المدنيين في جميع الأوقات، ويشمل ذلك السماح بمرور آمن للمدنيين لمغادرة مناطق الأعمال العدائية الفعلية على أساس طوعي في الاتجاه الذي يختارونه».
وأعلنت المسؤولة الأميركية المطّلعة على المحادثات توقيع الطرفين «إعلان التزام بحماية المدنيين في السودان».
وأوضحت أن الطرفين يلتزمان بموجب هذا الإعلان بمبادئ عامة للسماح بوصول المساعدات الإنسانية، وإعادة التيار الكهربائي والمياه والخدمات الأساسية الأخرى، وسحب عناصرهما من المستشفيات والسماح بدفن القتلى «بكرامة».
وأوضحت المسؤولة التي طلبت عدم كشف اسمها، أن ما اتفق عليه الطرفان «ليس وقفاً لإطلاق النار. هو تأكيد على التزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي، خصوصاً في ما يتعلّق بمعاملة المدنيين والحاجة إلى توفير مساحة لعمل المعنيّين بالمجال الإنساني».
وأبدت المسؤولة أملاً حذراً في أن يسهم توقيع الطرفين على هذا الإعلان في التأسيس لزخم يرغمهما على توفير مساحة لإدخال المساعدات الإنسانية، رغم إقرارها بأن مسافة بعيدة لاتزال تفصل الطرفين في المحادثات.
وستستمر المفاوضات للتوصل إلى هدنة مؤقتة جديدة تتيح إيصال المساعدات، قد تصل مدتها إلى 10 أيام، حسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية.
وقال مسؤول أميركي ثانٍ إن المفاوضات كانت «صعبة جداً»، وأقر بأن كلاً من الجانبين قد تكون له دوافع خفية من خلال مراقبة وقف إطلاق النار.
وأضاف «صراحة، هناك بعض الأمل لدى الجانبين في أن يُنظر إلى الجانب الآخر على أنه مرتكب الانتهاكات».
من جانبه، وصف وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الإعلان بأنه خطوة أولى. وكتب على تويتر «الأهم هو الالتزام بما تم الاتفاق عليه، والمملكة ستعمل حتى يعود الأمن والاستقرار للسودان وشعبه الشقيق».
وتواصلت المعارك بين الجانبين أمس، في الخرطوم وفي مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور. ففي جنوب العاصمة السودانية، أفاد شهود بتحليق طائرات مقاتلة وبسماع دوي اشتباكات وانفجارات.
وفي الخرطوم بحري (شمال العاصمة)، قال شهود إنه كان هناك قصف بالطيران وسمع دوي مضادات دفاع جوي في منطقة الحلفايا.
وفي جنيف، قالت المتحدثة باسم المفوضية السامية للاجئين أولغا سارادو للصحافيين: «مع تواصل أعمال العنف في السودان للأسبوع الرابع، اضطر قرابة 200 ألف من اللاجئين والعائدين إلى الفرار من البلاد، مع عبور مزيد من الأشخاص الحدود طلباً للأمان».
وأضافت أن «الاستجابة الإنسانية صعبة ومكلفة»، مشيرة إلى أن اللاجئين والعائدين يصلون إلى مناطق حدودية نائية، حيث الخدمات والبنى التحتية شحيحة أو غير متوافرة ويعاني السكان المضيفون تحت وطأة تغير المناخ وندرة الغذاء.
بالنسبة إلى تشاد المجاورة، قالت إن نحو 30 ألف لاجئ وصلوا في الأيام الأخيرة ليرتفع العدد الإجمالي للذين وصلوا من السودان في الأسابيع الأخيرة إلى 60 ألفاً.
وقالت منظمة الهجرة التابعة للأمم المتحدة في وقت سابق هذا الأسبوع إن أكثر من 700 ألف شخص نزحوا داخل السودان في أعقاب اندلاع المعارك في 15 أبريل.
من جهتها، اعتبرت قوى الحرية والتغيير، المكون المدني السابق بالحكومة السودانية، توقيع هذا الإعلان، خطوة أولى مهمة صوب إنهاء الحرب الدائرة في البلاد منذ 15 أبريل الماضي، وحضت الطرفين على الالتزام الصارم والجاد بما اتفق عليه.
كذلك رحبت الآلية الثلاثية التي تتكون من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) بالإعلان.