الشرفاء الحمادي: الزكاة ليس لها وقت محدد في شريعة الله والقرآن حدد نسبتها
الكاتب باحث ومفكر، مهتم بالشأن العام العربي والإسلامي وله العديد من المؤلفات والأبحاث المرموقة
موعد الزكاة
يقول المفكر العربي الكبير الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي إن الزكاة ليس لها وقت محدد في شريعة الله، استحقاقها حين يتحقق المكسب أو الربح من نشاطه التجاري، أو الصناعي، أو الزراعي، وغير مرتبطة بمدة زمنية، والقاعدة محددة بحصول المكسب.
الزكاة والصدقة
ويضيف الشرفاء الحمادي قائلا: إن الله سبحانه يأمر عباده بالإنفاق ومساعدة القادر للمحتاج بالصدقة، حيث لم يحدد التشريع الإلهي مصادرها، وليست كالزكاة التي فرضها الله على المسلمين، والصدقة يدفعها الإنسان حسب قدرته، وفي أي وقت، وهي مرتبطة بحالة الإنسان المحتاج.
نسبة الزكاة
وعن نسبة الزكاة يقول الشرفاء، إن نسبة الزكاة قد حددها الله سبحانه بنسبة عشرين في المائة من المكسب في أي وقت يتحقق، ويضيف: كل من لا يعمل في أي نشاط لا يدر عليه مكسباً فهو معفى من الزكاة وليس عليه ذنب، كما أن الله سبحانه أسقط عن غير القادرين، لعدم استطاعتهم أداء فريضة الحج. وكذلك فرض الزكاة، ما لم يتحقق للإنسان مكسب من نشاطه الاقتصادي أو العقاري، فليس عليه استحقاق الزكاة.
القرآن يحدد النسبة
ويوضح الشرفاء أن تحديد النسبة المذكورة أعلاه قيمة استحقاق الزكاة، تأكيد لقول الله سبحانه مخاطباً المسلمين بقوله (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الأنفال 41).
الزكاة والقضاء على الفقر
يواصل الشرفاء الحمادي حديثه قائلا: لو احترم المسلمون شرع الله في الكتاب المبين، وتم تطبيق فرض الزكاة- كما أقره الله سبحانه في شرعته- ولم يحدد له زمن معين، بل جعل تحصيل الزكاة في كل وقت يتحقق للمسلم مكسب من أنشطته التجارية المختلفة، والتزم بدفع عشرين في المائة من مكسبه، لما بقي فقير في المجتمعات الإسلامية، أو محتاج أو متسول، بل تحقق لأفراد المجتمع- بغض النظر عن دياناتهم وعقائدهم – الاكتفاء الذاتي، وتحقق السلم الاجتماعي والرحمة بين الناس، كما وصف الله رسوله عليه السلام في خطاب التكليف بقوله (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء 10).
مصدر الزكاة
ويضيف الشرفاء قائلا: (فيما يتعلق بتشريع الزكاة التي شرعها الله في الذكر الحكيم، وحدد مصدرها في قوله سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ) (البقرة: 267)، إضافة إلى ما سبق فقد حذر الله سبحانه المسلمين بقوله (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين) (البقرة 195).
خطورة عدم الإنفاق
ويكمل الشرفاء قائلا: (إن الله سبحانه يحذر الناس من خطورة عدم الإنفاق في سبيل الله، وأهميته لتحقيق السلم الاجتماعي، وكأن الله سبحانه يذكر الناس بأن فرض الزكاة جعله الله لحكمة من عنده حتى يبعد خطر ثورة الجياع عن المجتمعات الإسلامية، ويحميهم من آثارها التدميرية التي لا تبقي ولا تذر نتيجة انتقام الجياع من الأغنياء، خوفاً عليهم من أضرار الثوار، وهم يتحركون ضد أصحاب المال والقصور والسيارات الفارهة دون حساب وتقدير.
الحماية من ثورة الجياع
ويختتم الشرفاء الحمادي حديثه قائلا: على المسلمين أداء الزكاة وفق التشريع الإلهي في القرآن الكريم، الذي سيحميهم من ثورة الجياع التي سيترتب عليها هلاك الأغنياء.. فليسارع كل صاحب مال ومكاسب إلى دفع مستحقات الزكاة من مكاسبه، حتى لا يتعرض لما لا تحمد عقباه تنفيذا لأمر الله، وحماية لأموال الأغنياء والحفاظ على أرواحهم، وقد بلغهم الرسول عن ربه بقول الله سبحانه (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (النحل 118).