د. سيد عيسى يكتب: خطورة الشائعات والحروب النفسية على استقرار الدول
يعيش العالم في أزمات متتالية منذ العام (2020)، عندما ضرب فيروس (كورونا) العالم، وخلف ضحايا في كل أنحاء العالم تجاوزت الملايين، وتم وصف الأوضاع حينها بأنها كارثية، ولا يزال العالم يعيش تداعيات كابوس (كورونا) حتى الآن.
عندما بدأ انتشار الفيروس في منطقة (ووهان) بالصين، ثم انتقل إلى كل أنحاء العالم بشكل سريع بعد أن فشلت كل محاولات السيطرة والإجراءات الاحترازية وكانت الفاجعة الأكبر في أوروبا وأمريكا، وظهرت الحملات الإعلامية التي صاحبت انتشار هذا الفيروس بشكل مكثف وكانت الأقوى في تاريخ حملات تخويف الرأي العام واستمرت حتى قبل شهور.
لقد نجحت الحملات الإعلامية في المساهمة بشكل مباشر في انخفاض المناعة النفسية لدى المصابين، لأن التأثير النفسي عليهم كان السبب المباشر في ارتفاع حالات الوفاة، وهذا ثابت في تقارير دولية تم نشرها في هذا الشأن، فمعظم المصابين في الموجة الأولى توفوا بسبب العوامل النفسية قبل المرضية، فمجرد معرفتك بأنك مصاب بكورونا تدفعك حالتك النفسية إلى الدخول في مربع (الموت)، وتفقد الكثير من المناعة بسبب الحالة النفسية، وأدى هذا الأمر إلى ارتفاع معدل الوفيات وانخفاض حالات الشفاء، وكان الفيروس وقتها في أقوى مراحله، وبرتوكول العلاج مجرد تجارب فقط.
وبعد فترة وجيزة بدأت مرحلة اللقاحات والتي تم الترويج لها والتخويف منها بشكل مبالغ فيه، ثم بدأت مرحلة الأكاذيب والتكهنات التي يتم فيها استخدام أسماء لامعة في مجال الطب وظهرت تصريحات حول خطورة اللقاحات وأن من أخذ المصل سوف يموت بعد عامين، ثم انتهت تلك الموجة وبدأت عملية الانحسار الإعلامي تتضاءل، إلى أن أيقن الجميع أن الشائعات تستطيع أن تقضي على كل شيء في ظل غياب الوعي.
ولذلك خلفت أزمة (كورونا) خسائر مادية واقتصادية غير مسبوقة عاشها العالم وشعر بها الفقراء في كل دول العالم، وفرقت كورونا في فترة من الفترات بين الناس وخلقت نوعا جديدا حتميا ومطلوبا وهو التباعد الاجتماعي، وأغلقت دور العبادة وأوقفت المدارس والجامعات، وقتل الفيروس الأطباء وأعجز العلماء وخوف الجميع، ومع ذلك عندما انتهت تداعيات كورونا وأوقفت الحرب الإعلامية التي شنها المنتفعون والذين حصدوا أموالا طائلة من وراء أدوية كورونا والمطهرات والمعقمات، عادت الحياة إلى طبيعتها، وبدأ الجميع يشعر بأن الحرب النفسية التي صاحبت ظهور الفيروس كانت مبالغا فيها ومفتعلة وأنها سبب مباشر في وفاة حالات كثيرة.
ثم بدأت مراحل انحسار المرض وأصبح المريض لا يحتاج سوى أيام للتعافي منه، وأنها تشبه إلى حد كبير أعراض البرد، وعادت الحياة لطبيعتها وفتحت المدارس والجامعات والمساجد والكنائس والمعابد، هنا أدركنا أن الحروب النفسية تؤتي ثمارها في أحيان كثيرة وأن الخطابات الإعلامية قد تنال من الإنسان وتقتله.
لذلك أقول إن معالجة الأزمات في شعب يملك الوعي تؤتي ثمارها بشكل كبير، وإن الحروب النفسية تؤدي في النهاية إلى الدمار، والأمثلة في ذلك كثيرة، فكم من جيوش هزمتها الحروب النفسية، وكم من دول أسقطتها الشائعات، والتاريخ يحتوي على أمثلة عديدة، أبرزها تفكك الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة، بالإضافة إلى الشائعات التي روجت بعد العام (2011) وسقطت بها دول كثيرة حتى أن بعضها لا يزال يعيش في دوامة بسبب تلك الشائعات.
وفي النهاية أقول: يجب أن يعلم الجميع، أن الشائعات والحروب النفسية أصبحت لها خطورة كبيرة، وخاصة فيما يتعلق باستقرار الدول وتحديدا النامية، وأن الإعلام البديل الذي أصبح يدار بشكل عشوائي والتحكم فيها أمر صعب للغاية، يشكل خطورة كبيرة على الشعوب والدول التي لا تملك وعيا كافيا بأهمية استقرار بلادها.. فالشعوب وحدها من تدفع فاتورة الصراع.. حفظ الله مصر قيادة وجيشا وشرطة وشعبا من كل سوء ومكروه.