ليبيا: لماذا تراجعت المطالب بكشف مصير النائب الدرسي المخطوف؟
بعد نحو ثلاثة أشهر على خطفه من منزله، يرصد حقوقيون وسياسيون ليبيون أسباب تراجع المطالب بكشف مصير النائب إبراهيم الدرسي، الذي اقتاده مجهولون من منزله في 17 من مايو (أيار) الماضي.
وأعاد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الحديث منتصف الأسبوع الجاري عن النائب الليبي في تقريره، المقدم إلى مجلس الأمن الدولي، والذي تناول فيه مستجدات الأوضاع في ليبيا، قائلاً: «مصير الدرسي لا يزال مجهولاً»، داعياً السلطات الليبية إلى إجراء تحقيقات «شفافة وعادلة» في جميع حالات الاختفاء القسري بالبلاد.
ويرى عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أنه «من غير المرجح استمرار الاهتمام بقضية الدرسي طويلاً»، وقال إن «الغالبية منشغلة الآن بمتابعة مستجدات الصراع بين البرلمان والحكومة القائمة بطرابلس؛ والمجلس الرئاسي على تغيير محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير». معتقداً أن زملاء النائب بالمجلس، وكذلك النخب والنشطاء السياسيين «ربما باتوا يتحفظون على طرح تساؤلاتهم عن قضية الدرسي، في ظل عدم إعلان السلطات والأجهزة الأمنية عن أي تطور جديد حول لغز جريمة اختفائه».
وأضاف التكبالي موضحاً أنه «من غير المعقول أن يختفي شخص بهذه المكانة دون معرفة مصيره، إن كان حياً، أو محتجزاً مثلاً، على ذمة قضايا، لذا كان يجب طمأنة أسرته وأقربائه؛ وفي حالة إن كان توفي فإنه يجب أن يعلن ذلك بوضوح».
كما لفت التكبالي لتأثير وضعية الانقسام والخلافات السياسية على تأويل الحادث، وطرح العديد من السيناريوهات المتعلقة باختفائه، مشيراً لما ردده البعض من أن ترؤس الدرسي للجنة الأوقاف بالبرلمان أوجد له «عداء مستتراً» مع بعض التيارات الدينية في الشرق الليبي، رغم عدم وجود أدلة تثبت ذلك.
ورغم إقراره بأن البرلمان والقيادة العامة للجيش الليبي أصدرا تعليمات لكافة الأجهزة الأمنية بالمنطقة الشرقية ببذل قصارى الجهد للكشف عن مصير الدرسي، فإن التكبالي يرى أن هذه المطالب لا بد أن تتجدد من حين لآخر حتى لا تنسى القضية.
وكان مقربون من الدرسي قد أعلنوا عن خطفه من منزله ببنغازي، بعد حضوره الاحتفال بذكرى «عملية الكرامة» التي نظمها «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، مشيرين إلى أن الأجهزة الأمنية عثرت على سيارته في منطقة سيدي فرج شرق المدينة.
وكانت قبيلة الدرسة، التي ينتمي إليها النائب، قد طالبت بعد وقوع الحادث حفتر بـ«التدخل بشكل شخصي للإشراف على مجريات التحقيق، وإرجاع الدرسي إلى أسرته».
بدوره، استبعد الناشط السياسي الليبي، حسام القماطي، «تحريك التقرير المقدم إلى مجلس الأمن لقضية الدرسي بدرجة كبيرة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «مضت ثلاثة أشهر على وقوع الحادث، فتراجعت مطالب قبيلة النائب من الأجهزة الأمنية بالمنطقة الشرقية بالكشف عن مصيره»، مرجعاً ذلك إلى أن كثيرين يربطون الأمر بتراجع دور البرلمان.
ويرى القماطي أن «التعويل الحقيقي على تحريك القضية كان معتمداً بنسبة كبيرة على الدور القبلي، وليس على التنديد الأممي، الذي يتحول مع مرور الوقت لنداءات وخطابات مكررة بشأن المخاوف من جريمة الإخفاء القسري بالبلاد».
وبالتزامن مع صدور تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، تداولت منصات التواصل الاجتماعي الليبية مقطع فيديو لنجل الدرسي، لا يتجاوز عمره عامين، وهو يشير لصورة والده ويقبلها.
وذكّر القماطي بحديث بعض المسؤولين الأمميين والدبلوماسيين الغربيين من حين لآخر عن النائبة سهام سرقيوة، التي خطفت هي الأخرى من منزلها قبل قرابة 5 أعوام، ولا يزال مصيرها مجهولاً، ورأى أن تلك الإشارات لم تقد لأي جديد في قضيتها.
يشار إلى أن أطرافاً عدة من قبيلة الدرسي عقدت اجتماعات ولقاءات شعبية في مناطق مختلفة، تصاعدت خلالها نبرة التصعيد، التي لم تخل من توجيه اللوم لمجلس النواب، والتلميح بـ«تورط» بعض الأجهزة بشرق البلاد في الوقوف وراء اختفاء النائب، بالإضافة للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق في الواقعة.