الإمارات للخدمات الصحية: «الاكتئاب الموسمي».. ضيف ثقيل يتسلل بين الفصول
وأكد أطباء أن كبار السن، الأكثر عرضة لهذا النوع من الاكتئاب، داعية للوقاية من أعراض هذه الظاهرة «باتباع نمط حياة صحي، والتوعية المسبقة حول المرض وأعراضه».
وبينت أخصائية نفسية في مستشفى الأمل للصحة النفسية، التابعة للمؤسسة، خلود جمعة درويش، أن الاكتئاب الموسمي إحدى الحالات التي يعاني فيها أشخاص مشاعر سوداوية بالتزامن مع تبدل المواسم، مثل فصل الشتاء الذي تقصر فيه ساعات النهار وتطول ساعات الليل».
وأفادت بأن هذا النوع من الاكتئاب يبدأ بالظهور في أواخر فصل الربيع ويستمر حتى أوائل فصل الخريف، ويكون مصحوباً بظهور أعراض تشمل فقدان الشهية والشعور بالضيق، والانفعال، والأرق، والخمول، والعزلة الاجتماعية، وفقدان الثقة بالنفس، وتراجع ممارسة الأنشطة مع فقدان في التركيز.
وذكرت درويش أن عدم حصول الأشخاص على ساعات كافية من النوم قد يسهم في تحفيز عوامل الاكتئاب الموسمي، لافتة إلى أن كبار السن قد يكونون الأكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من الاكتئاب، خصوصاً في فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة.
وبينت أن ساعات النهار الطويلة صيفاً، وما يصاحبها من ضغوطات، وجنوح بعض الأشخاص إلى العزلة، وعدم ممارسة أي نوع من الأنشطة الرياضية، أو الاجتماعية، فضلاً عن عدم التعرض لأشعة الشمس، من الأسباب التي قد تقود إلى إحداث اختلالات هرمونية في الجسم، وانخفاض في مستويات فيتنامين «د»، ما يؤدي إلى الشعور بالكسل والخمول، وقد يتحول إلى اكتئاب موسمي، يسهم في فقدان الثقة بالنفس، ويقلل من قدرة الشخص على التواصل وبناء علاقات اجتماعية.
وحذرت من تداعيات الاكتئاب الموسمي، نظراً لمخاطره على العلاقات الأسرية، ونتائجه السلبية في بيئة العمل أو الدراسة، ما لم يلجأ المصاب به إلى طلب المساعدة الطبية المتخصصة، مشددة على أهمية ودور الدعم الأسري والمجتمعي في التخلص من المشاعر السلبية.
وحول آليات العلاج المتبعة، أوضحت أن الأطباء المتخصصين يعملون من خلال العلاج السلوكي المعرفي على تحديد الأنشطة الإيجابية التي تسهم في تحفيز المزاج العام للمريض، بما تشمله هذه الأنشطة من الممارسات الرياضية، والتأمل، والاسترخاء، إلى جانب البحث عن هوايات جديدة تساعد على التخفيف من حدة التوتر والقلق وتعزز من المشاعر الإيجابية.
كما أكدت ضرورة وضع جدول ينظم أوقات وساعات اليوم، بما يسهم في طرد الأفكار السلبية، ورفع الطاقة الإيجابية، إضافة إلى تحقيق التوازن في النظام الغذائي المتبع، نظراً لأهميته ونتائجه على الصحة النفسية والبدنية.
من جهته، قال استشاري الطب النفسي في مدينة الشيخ خليفة الطبية في عجمان، الدكتور محمد فرج الله، إن الاكتئاب الموسمي يختلف عن الاكتئاب المرضي.
وشرح أن الاكتئاب الموسمي يحدث كل موسم، أو كل سنة، ويتعرض له بعض الأشخاص، سواء بداية الشتاء أو أوائل الخريف.
وقال: «يتزامن حالياً مع عودة الناس من الإجازات وبداية موسم العمل، وبداية فصل الشتاء ونهاية موسم الصيف، وقد يعتقد البعض أنه مصاب باكتئاب مرضي، في حين أنه قد يكون مصاب بأعراض الاكتئاب الموسمي، لتراجع الحالة المزاجية، وانخفاض الطاقة، والشعور بالتعب بسهولة، وفقدان الرغبة وعدم المقدرة على استخلاص المتعة عند ممارسة الهوايات والأشياء المحببة، واضطراب النوم والشهية، وفي بعض الأحيان وجود أفكار انتحارية وانخفاض في التركيز».
أما الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب الموسمي، فقال إنهم «الأشخاص الذين لديهم تاريخ مرضي سابق بالاكتئاب»، مضيفاً أن «أسباب هذا المرض مازالت غير معروفة بصورة كاملة، إلا أن هناك علاقة له بقصر فترة النهار وطول فترة الليل، ومن ثم قلة التعرض للشمس، ونقص فيتامين د».
ونصح أي شخص يتعرض لأي من أعراض الاكتئاب بمراجعة الأطباء لتشخيص نوع المرض المصاب به، ومن ثم تحديد البرنامج العلاجي المناسب له، مشيراً إلى أن الاكتئاب الموسمي يحدث عادة بشكل عابر مؤقت، يعود بعدها الشخص إلى حالته الطبيعية.
وذكر أن الاكتئاب الموسمي يؤثر سلباً في الإنتاجية والعلاقات الاجتماعية، ويكون العلاج عادة بتعرض الشخص المصاب للضوء وتناول مضادات الاكتئاب، إضافة إلى تفعيل العلاج السلوكي.
من جهته، قال استشاري الطب النفسي في مستشفى «راك»، الدكتور طلعت مطر، إن الاكتئاب الموسمي يحدث عادة بشكل واضح في الدول التي لا تشرق الشمس فيها لفترة كافية، مثل أوروبا الشمالية، ويعالجون بالتعرض للضوء في هذه الحالات.
ودعا إلى التمييز بين التعرض للملل والضيق والحزن وبين أعراض مرض الاكتئاب بشكل عام، حيث «لا تعني الإصابة ببعض الأعراض أن صاحبها يعاني من مرض الاكتئاب».
ونصح بمراجعة المختصين للحصول على الخطة العلاجية المناسبة لكل حالة.