بناء الدول يحتاج إلى مجهود كبير، وخاصة عندما تواجه تلك الدول تحديات معلنة وغير معلنة، وعلى الرغم من أن التعامل مع التحديات المعلنة أيسر بكثير من غير المعلنة، إلا أن القيادة المصرية استطاعت أن تتعامل مع كافة التحديات بشكل احترافي، من خلال إيمان عميق بأن الشعوب تعرف قيمة المخلصين الأوفياء وتقف خلفهم حتى لو تم تغييب الحقيقة عن البعض لجزء من الوقت، وذلك لأن القاعدة الوطنية تنجح في أغلب الأحيان عندما يصبح لدى القادة عقيدة وإيمان راسخ بتحقيق هدفهم، هذا ملخص مقتضب للمشهد في مصر من يونية 2013 وحتى اليوم.
لذلك سوف أحاول في سلسلة من المقالات تقديم رؤية للمشهد الحالي في مصر من خارج إطار التحليل التقليدي للأحداث، إذ سنتعرض في هذا الطرح إلى بعض المواقف والأحداث التي مرت بها مصر في تلك الفترة.
في البداية لابد أن ندرك أن ما تقوم به القيادة السياسية من مجهود جبار يساهم في بناء الجمهورية الجديدة، وجعلنا أمام مشهد تغيرت فيه مصر وسوف تتغير إلى الأفضل، وهذا واقع ملموس على الأرض، وحقيقة نعيشها منذ عام 2014 وحتى اليوم، كل يوم جديد في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية والعلمية والاجتماعية والثقافية.
وحتى ندرك حقيقة الوضع الحالي، لا بد أن نؤكد على أن ما حدث من تغيير لم يكن وليد الصدفة، ولكنه كان نتاج إيمان عميق بالوطن وعمل متواصل من أجل تغيير الواقع المؤلم الذي عاشه الشعب المصري في الفترات الأخيرة، وظهر جليا في عام 2011 وما بعدها عندما تم استباحة الوطن واختراق أمنه من خلال خداع تاريخي للشعب المصري قامت به جماعة الإخوان الإرهابية بالتعاون مع المنتفعين عديمي الوطنية، ولكن سرعان ما انتفض الشعب المصري الغيور على بلاده، بتعاون القوى الوطنية المؤمنة بمصر من رجال القوات المسلحة، ضد الخونة والمنتفعين وتجار الدين، وقامت ثورة 30 يونية التي أعادت مصر للمصريين ولفظت كل المتطرفين والخونة وتجار الدين، وذلك بقيادة أحد أبناء القوات المسلحة البواسل الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع وقتها، الذي استجاب لمطالب الشعب في ثورة تاريخية كتب عنها الفلاسفة والمفكرون قبل المؤرخين أنها ثورة عودة الروح المصرية المؤمنة بالوطن، وهذا مجمل لما حدث داخليا.
مشهد مختلف (عودة الأمن وتعافي الاقتصاد بشكل إعجازي)
واستكمالا لكيفية تعافي الدولة المصرية داخليا خلال السنوات الماضية فلقد شهدت مصر طفرة غير مسبوقة، إذ تمت معالجة ملف الانفلات الأمني، وتمت مواجهة الجماعات المتطرفة والقضاء على نفوذهم، كما تم وضع خطة اقتصادية طموحة، بدأت بالبنية التحتية وامتدت إلى التطوير العسكري والشرطي غير المسبوق، وانتهت بحياة كريمة لكل المصريين.
كما كان للمؤسسات العلمية المصرية دور مساند للدولة من خلال المساهمة في هذا التطور الهائل الذي يحدث على أرض مصر.
السيسي أعاد مصر لمكانتها العربية والأفريقية والدولية، وعلى الصعيد الخارجي استطاع قائد ثورة 30 يونية 2013 أن يغير شكل ومضمون الدولة ويعيدها إلى القيادة والريادة العربية والأفريقية والدولية، فبعد أن جمد الاتحاد الأفريقي عضوية مصر إبان أحداث 2011 أعاد الرئيس السيسي مصر إلى قيادة القارة السمراء في تغير تاريخي غير مسبوق، كما عادت مصر بقوة إلى القيادة العربية، وبعد فترة من تعنت بعض دول العالم مع مصر بسبب التسويق الكاذب من جماعة الإخوان لما حدث في مصر، استطاعت القيادة السياسية ورجال مصر البواسل تصحيح الصورة، وأصبح الجميع يخطب (ود) مصر ويبحث عن علاقات قوية معها، وشارك الرئيس السيسي في كافة المحافل الدولية، وكان الحضور المصري مؤثرا في صياغة كل القرارات الدولية وخاصة فيما يتعلق بالقضايا العربية والإقليمية.
وفي النهاية سوف أستكمل الأسبوع المقبل حديثي حول بعض الملفات الشائكة التي نجحت فيها الدولة المصرية خلال الفترة الماضية ولم يسلط عليها الإعلام الضوء بشكل مناسب.