أطروحات تنويرية للشرفاء الحماديأهم الأخبار

محمد فتحي الشريف يكتب:قراءة تحليلية في أفكار الشرفاء الحمادي التنويرية (1-1)

الكاتب رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات

 

 

ملخص الحلقة الأولى

إن فكر الكاتب علي محمد الشرفاء الحمادي جاء ليزيح الستارة السوداء التي صنعها ووضعها مقدِّسو التراث أمام المشاهدين، حتى يتضح الموقف بشكل واضح وجلي، ويظهر العدو الحقيقي من خلف الكواليس، ولكن الممثلين الذين يقدمون العرض المسرحي الدموي يقفون بالمرصاد لكل من يحاول كشف المخرج والملقن ورفع الستارة السوداء التي تداري القادة الحقيقيين للمعركة الدموية التي اتخذت من التراث دستورا لها.

المقدمة

لقد أثرى الكاتب الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي المكتبة العربية والإسلامية بمجموعة من المؤلفات المتنوعة التي تدعو إلى إنهاء الصراعات الدموية التي تشهدها الساحة العربية والدولية، وذلك بسبب تحريف ودس بعض النصوص المغلوطة على الإسلام، واستغلال اسم الدين الإسلامي في ذلك.

لذلك سوف أقدم للقارئ الكريم سلسلة من المقالات أتعرض فيهالبعض أطروحات الكاتب مع إلقاء الضوء عليها ومناقشة بعضها بحيادية وموضوعية، حتى أضع الحقيقة كاملة أمام القارئ، وذلك من خلال نقاش هادئ وهادف وموضوعي، مع تحليل بعض أطروحات الكاتببعيدا عن وجهات النظر، وفي النهاية سيتم الاحتكامفي كل الأمور إلى النص المقدس وهو القرآن الكريم.

حتى أبدأ في مناقشة الأفكار التنويرية التي طرحها المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، لابد أن أنوه إلى شيء مهم، وهو أن العوام من الناس أصبحوا يقدِّسون النصوص المتطرفة التي دست على الإسلام بشكل مبالغ فيه، حتى أنهم يتهمون كلمن يحاول البحث في تلك النصوص ومراجعتها ومناقشتهابأنهم يهدمون الدين،وقد يخرجونهم من الملة، على الرغم من أن النصوص التراثية المغلوطة التي تدعو إلى القتل والإرهاب هي الهادم الأول للدين، لذلك لابد من وقفة توضيحية لنشر الفكر التنويري وإقصاء الفكر الظلامي، فالله عز وجل يدعو إلى التدبر في كل ما يقال،كما يدعو إلى السلام والمحبة، ويحرم ويجرم القتل والتعدي على حرمة الإنسان بوجه عام، وهذا هو الإسلام الحق، والرسول صلى الله عليه وسلم كان رجل سلام، ولم يكن يوما من الأيام فظا ولا غليظا مع الناس، ولذلك انتشرت الدعوة الإسلامية وأحبها الناس جميعا، لأنه دين حق وعدل، ولكن أعداء الإسلام استطاعوا أن ينالوا من هذا الدين من خلال النصوص الإرهابية التكفيرية، التي تدعو إلى القتل والتدمير، وهو الأمر الذي أصاب المسلمين ومكن منهم أعداءهم.

الحلقة الأولى

قراءة في كتاب (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي)

عندما تطالع مقدمة هذا الكتاب تجد أن المفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي، حدد الهدف من البداية، وهو كيف ينظر الناس إلى النص القرآني والنصوص الأخرى من أحاديث وتراث وغيره، ما الذي يجب فعله عندما يتعارض النص القرآني مع بعض النصوص، ثم بدأ الكاتب بصياغة مشهد واقعي وضح فيه حال المسلمين اليوم وما الذي أوردهم هذا المورد.

ووضح الكاتب أن الساحة العربية والدولية شهدت في الفترة الأخيرة أحداثا إرهابية ودموية مروعة، تلك الأعمال للأسف تمارس باسم الإسلام.

ثم تحدث الكاتب عن مشهد واقعي مأسوي، وهو الصراعات الطائفية بين المسلمين(السنة والشيعة)، هنا نبه الكاتب إلى أمر غاية في الأهمية، وهو أنالمسلمين فقدوا البوصلة في معرفة العدو الحقيقي، إذ أصبح العدو هو أخاه المسلم، حتى سالت الدماء وظهرت الفتن وقتل المسلم أخاه المسلم حتى أصحاب المذهب الواحد أصبحوا متفرقين مختلفين.

وأرجع الكاتب كل تلك الاختلافات والقتل والإرهاب إلى أمر واحد، وهو أن المسلمين هجروا النص القرآني وساروا خلف التراث الأسود الذي حرف دينهم ونال من وحدتهم وزرع البغضاء والعداوة بينهم.

مراجعة الخطاب الديني

إن الحالة التي وصل إليها الخطاب الديني تتطلب مراجعة حقيقية، ذلك هو الطرح الذي قدمه الكاتب، وهو طرح ليس بجديد، ولكن الجديد في هذا الطرح هو أن الكاتب كشف بعض الجوانب الظلامية التي خلفها التراث المنسوب إلى الدين، من خلال محاولة جادة للتفريق بين الخطاب الديني الحاليبكل جوانبه، والخطاب الإلهي المقدس(القرآن)، إذ وضح الكاتب أن الخطاب الديني الحالي أضيف له العديد من النصوص المغلوطة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ تسببت تلك النصوص في الفرقة بين المسلمين وأسست للقتل باسم الدين.

خطورة النصوص المكذوبة

وطالب الكاتب بضرورة مراجعة تلك النصوص التي تتعارض صراحة مع القرآن الكريم والتي سوق لها بعض الذين يدعون أنهم علماء الإسلاموتقديسها لدى العامة، فوجدنا من يتهم الذي يحاول توضيح حقيقة نص مكذوب على الرسول بالكفر والخروج من الملة، كما أنهم وضعوا نصوصا تخالف القرآن صراحة، وتم الترويج لها على أنها مقدسة وأن المساس بها يعد خروجا من الملة.

تحقيقالهدف

في سبيل تحقيق الهدف المنشود من فكر الكاتب وهو إسدال ستارة سوداء على النصوص المغلوطة كما عبر عن ذلك الكاتب في أحد مقالاته، لابد أن نوضح للمسلمين، وخاصة العوام الذين ينخدعون في مروجي التراث المخالف لكلام الله، أن من يقدم على قتلالأبرياء دون ذنب لهم سوى أنهم ينتمون لدين آخر من خلال نص تراثي عفن، فإن هذا الفاعلمجرم وإرهابي أضر بالسلام وخالف نصوص القرآن وخرج من الملة.

التراث العفن هو دستور المتطرفين وعقيدتهم

ووضح الكاتب أن التراث العفن هو من أسس لوجود التنظيمات الإرهابيةالتكفيرية مثل (داعش) والقاعدة وغيرها من التنظيمات التي تبيح القتل والتدمير تحت ستار الدين، فهؤلاء المجرمون أعداء الإنسانية هم من اتخذوا من هذا التراث دستورا لهم وعقيدة ونهجا، مع أنهم يعرفون جيدا أن هذا يخالف القرآن الكريم النص المقدس ويخالف ما جاء في صحيح السنة.

وأضيف وأقول إن السنة الصحيحة لابد أن تتطابق مع النص القرآني، وإن من يدعمون تقديس التراث، غيبوا وعي العامة وجعلوهم يقدسون تلك النصوص، حتى لو تعارضت مع القرآن، وتلك هي المصيبة الكبرى التي أوصلت المسلمين إلى تلك الوضعية وهذا الحال.

قراءة جديدة وجريئة

إن الكاتب قدم في هذا المؤلف الذي نحن بصدد الحديث عنه قراءة جديدة وجريئة وجديرة بالتأمل والتحليل، لأن من انساق وراء هذا التراث المخالف لشرع الله تم تغييب وعيه من خلال تخويفه بأن مجرد الحديث في تلك الأمور هي خروج عن الملة، وأن النصوص المخالفة للقرآن تقدس أكثر من كتاب الله (وتلك هي الكارثة والمصيبة)على الرغم من أن كتاب الله هو المقدس وحده، وهو دستور الإسلام، وهو كلام الله الواضح البليغالذي يعالج كل الأمور ويحاكي الزمان والمكان، لأنه لا يأتيه الباطل.

طريقان لا ثالث لهما

لقد حدد الكاتب في كتابه آليات معالجة هذا الخلل الواضح، إذ قال إن المسلمين ليس أمامهم اليوم سوى طريقين لا ثالث لهما، الطريق الأول وهو الطريق القويم الصحيح الذي يظهر حقيقة الدين، وهو الإيمان بالله الواحد الأحد وبكتابه القرآن الكريم هاديا ومرشدا لنا.

والطريق الثاني هو طريق الضلال والانحراف، إذ قال الكاتب “وأما أن نتبع الروايات التي روج لها من قبل من يسمون أنفسهم بعلماء الدين وعلماء الحديث وشيوخ الإسلام وأقحموها في قناعات المسلمين وفي معتقداتهم فكانت سببا في ما نحن فيه من فرقة وتشرذم إلى شيع وأحزاب يكفر بعضهم بعضا ويقتل بعضهم بعضا”.

القرآن خطاب الأحياء

ويؤكد الكاتب أن الطريق المستقيم وهو الرجوع إلى النص القرآني بوصفه المرجعية الأساسية هو الحل الوحيد للخروج من النفق المظلم الذي وضعنا فيها أصحاب الطريق الثاني، مؤكدا أن القرآن لم يكن أبدا نصا لاهوتيا، ولم يؤسس لأي نزعة من هذا القبيل، فالقرآن كلام الله المقدس، الذي تؤسس رسالته لمعانٍ نبيلة مثل الحب والتسامح والعدل والعقلانية وقبول الآخر ونشر السلام والسعي لإدراك المعرفة الحقيقية واحترام الإنسان لذاته بوصفه خليفة الله عز وجل في الأرض، واصفا القرآن بأنه الخطاب الإلهي الأوحد المقدس، وهو خطاب للأحياء وليس الأموات أو للماضي، فالقرآن خطاب متجدد ومتفاعل مع واقع الحياة الإنسانية المتغيرة المتجددة، فهو يصلح لكل مكان وزمان، ويجب علينا جميعا أن نلتزم بتعاليم القرآن وأن نترك النصوص العفنة التي تخالفه.ونفى الكاتب عن القرآن معاداة العلم والتعصب والجمود وكراهية الآخر والنزعة القتالية واضطهاد المرأة.

تلك هي مقدمة عامة عن محتوى كتاب (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي) أحد مؤلفات الكاتب علي محمد الشرفاء الحمادي، والذي سيتم تناول فصول هذا الكتاب وإلقاء الضوء عليه بشكل تحليلي، حتى نطلع القارئ الكريم على مواطنالعطب والخلل الذي أصاب الخطاب الديني والذي يحتاج إلى فلترة حقيقية وتنقية من تلك الشوائب التي خلطت العديد من أمور الدين وأبرزت خطاباتكفيريا دمويا اتخذ منه دستور لهؤلاء المتطرفين الذين غلب على طباعهم التطرف والتعصب والتكفير والجهل وتحقير الآخر والنيل منه واستباحة ماله ودمه من خلال تلك النصوص..

إن الأمر جد خطير، وإن الفتن تطل علينا ليل نهار من خلال هؤلاء الذين ظنوا أنهم امتلكوا صكوك الإيمان يمنحونها لمنيسير في دروب أفكارهم العفنة.

حرب الوعي وتغييب العقول

إن الوعي هو أخطر أنوع الحروب التي أدار الأعداء ساحتها باقتدار، وأحرزوا تقدما عندماتم تغييب وعيناونالوا منا عن طريقنا، فأصبحالقاتل مسلما والمقتول مسلما، القاتل يظن أنه في الجنة والمقتول الذي قتل غدرا من أجل فكر أو نقد لنص فاسد عفن يخالف الدين السمح، في نظر المجرمين خارج عن الملة مارق، ومن يحرك هؤلاء هو عدو ظاهر العداوة، ولكنه يقف خلف ستارة سوداء من النصوص العفنة لا يشاهده المتفرجون الذين ركزوا أبصارهم على الممثلين الواقفين على المسرح،وصمُّوا آذانهم عن سماع مايدور خلف الكواليس، إذ يتم تلقينهم من مخرج عدو استطاع أن يجندهم ليكونوا جنودا للشيطان.

ملخص الفكرة

إن فكر الكاتب علي محمدالشرفاء الحمادي جاء ليزيح الستارة السوداء التي صنعها ووضعها مقدسو التراث من أمام المشاهدين حتى يتضح الموقف بشكل واضح وجليويظهر العدو الحقيقي من خلف الكواليس، ولكن الممثلين الذين يقدمون العرض المسرحي الدموي يقفون بالمرصاد لكل من يحاول كشف المخرج والملقن ورفع الستارة السوداء التي تداري القادة الحقيقيين للمعركة الدموية التي اتخذت من التراث دستورا لها.

وفي نهاية الحلقة الأولى التي حاولت فيها عرض الأفكار الرئيسية للكتاب والهدف منه، سأحاول في الحلقات المقبلة إن شاء الله تسليط الضوء على أبرز النقاط الخلافية بين النص المقدس (القرآن) ونصوص التراث من خلال التعرض لبعض القضايا التي طرحها المفكر ووضع معالجات لها، من خلال طرح ومناقشات حول الخطاب الديني والخطاب الإلهي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى